محكمة النقض - مدني - مجموعة رقم 1 - رقم المبدأ 162 - رقم الصفحة 1049 - القضية رقم 182 - لسنة 19 ق - تاريخ الجلسة 14 / 6 / 1951

الهيئة

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

المبدأ رقم 1

حق مكتسب. عدم جريان القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها. حكم. الطعن فيه. جوازه وعدمه. خضوعه إلى القانون الساري وقت صدوره لا وقت إعلانه. إنشاء قانون المرافعات الجديد طريقا للطعن في الأحكام لم يكن موجودا من قبل. لا يعمل به في شأن الأحكام الصادرة قبل هذا القانون. نقض. حكم صدر من محكمة الاستئناف المختلطة قبل العمل بقانون المرافعات الجديد. الطعن فيه بطريق النقض. غير جائز. القول بأن مناط الحق المكتسب على مقتضى قانون محكمة النقض إنما هو كون الحكم الصادر في عهد القانون القديم قد أعلن وانقضى ميعاد الطعن فيه قبل بدء العمل بالقانون الجديد. لا يصح الاستدلال به ولا الاستناد إليه مع قيام النص الصريح في قانون المرافعات الجديد. الذي يفيد عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام التي صدرت بصفة نهائية من المحاكم المختلطة قبل العمل به. (المواد 3 من لائحة الترتيب و27 من الدستور و4 من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار (قانون المرافعات و1 و2 من هذا القانون و47 من قانون محكمة النقض. الأصل في القانون أن الحكم يخضع من حيث جواز الطعن فيه وعدمه إلى القانون الساري وقت صدوره لا وقت إعلانه وذلك أخذا بعموم قاعدة عدم جريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها. وقد كان الشارع حريصا على تقرير هذه القاعدة فيما سنه من قوانين - المادة 3 من لائحة الترتيب والمادة 27 من الدستور -، كما أن الشارع لم يقنع في تقنياته الجديدة بمجرد التنويه بعدم استناد القانون إلى الماضي وإنما عمد إلى تنظيم تناول كيفية الانتقال من ولاية القانون القديم إلى ولاية القانون الجديد وكان رائده في ذلك رعاية حقوق ثبتت أو مصالح رآها جديرة بألا تنهار وعدم المساس بالحالات القانونية الثابتة والتي اكتسبها أصحابها في ظل القانون القديم - المادة 4 من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات والمادتين 1 و2 من هذا القانون -، ومن ثم إذا كان قانون المرافعات الجديد قد أنشأ طريقا للطعن في الأحكام لم يكن موجودا من قبل فلا يعمل به في شأن الأحكام الصادرة قبل هذا القانون لأن المحكوم له يكون قد اكتسب وفقا للقانون السابق حق عدم جواز الطعن في الحكم الصادر له، ولا يرد على هذا بأن مناط الحق المكتسب على مقتضى قانون محكمة النقض إنما هو كون الحكم الصادر في عهد القانون القديم قد أعلن وانقض ميعاد الطعن فيه قبل بدء العمل بالقانون الجديد، وأن الأحكام الصادرة في عهد القانون القديم التي لم تعلن للآن أو التي أعلنت ولم يمضي عليها ميعاد الطعن عند وجوب العمل بالقانون الجديد أو التي أعلنت بعد العمل بهذا القانون - جميع هذه الأحكام يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض بشروطه وقيوده ومواعيده - ذلك لأن هذا الرأي الذي قالت به محكمة النقض في ظل المرسوم بقانون الصادر بإنشائها مؤسس على ما نص عليه الشارع في المادة 47 من نفس القانون في خصوص ما يجب إتباعه بالنسبة إلى الأحكام الصادرة قبل العمل به ومن ثم لا يجوز الاستدلال به ولا الاستناد إليه مع قيام النص الصريح في قانون المرافعات الجديد الذي يفيد عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام التي صدرت بصفة نهائية من المحاكم المختلطة قبل العمل به، وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة الاستئناف المختلطة قبل العمل بقانون المرافعات الجديد وكان صدوره في ظل قانون المرافعات المختلط الذي ما كان يجيز الطعن بطريق النقض في الأحكام الانتهائية، فإن الطعن فيه يكون غير جائز.

الوقائع

ومن حيث إن النيابة العامة والمطعون عليهما الأول والأخير دفعوا بعدم جواز الطعن بالنقض تأسيسا على أن الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة في 29 من مارس سنة 1949 صدر في ظل قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية الذي كان معمولا به أمام المحاكم المختلطة وما كانت نصوصه تجيز الطعن بالنقض في الأحكام النهائية. ومن حيث أن الأصل في القانون أن الحكم يخضع من حيث جواز الطعن فيه وعدمه إلى القانون الساري وقت صدوره لا وقت إعلانه وذلك أخذا بعموم قاعدة عدم جريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها وقد كان الشارع حريصا على تقريره هذه القاعدة فيما سنه من قوانين ولذلك نصت المادة 3 من الأمر العالي الصادر في 14 من يونية سنة 1883 بخصوص لائحة ترتيب المحاكم الأهلية على أن أحكام القوانين والأوامر لا تسري إلا على الحوادث التي تقع من تاريخ العمل بمقتضاها ولا تكون لها تأثير على الوقائع السابقة عليها ما لم يكن منبها عن ذلك بنص صريح فيها. وردد الدستور المصري هذا النص في المادة 27 منه. كما أن الشارع لم يقنع في تقنيناته الجديدة بمجرد التنويه بعدم استناد القانون إلى الماضي إنما عمد إلى تنظيم تناول كيفية الانتقال من ولاية القانون القديم إلى ولاية القانون الجديد وكان رائده في ذلك رعاية حقوق ثبتت أو مصالح رآها جديرة بألا تهدر - لذلك نص في القانون رقم 77 لسنة 1949 الذي ألغى به قانون المرافعات اللذين كانا معمولا بهما أمام المحاكم الوطنية والمختلطة - واستعاض عنهما بقانون المرافعات الجديد عن أنه يعمل به ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949، ونظم في المادة الرابعة من قانون الإصدار والمادتين الأولى والثانية من نفس القانون أحكام الانتقال من ولاية القانون الجديد فقرر في المادة الأولى من قانون المرافعات أن (تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به ويستثنى من ذلك. (1) القوانين المنظمة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى (2) القوانين المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها (3) القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق - ونص في المادة الثانية منه على أن (كل إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيحا في ظل قانون معمول به يبقى صحيحا ما لم ينص على غير ذلك). ومن حيث أنه يبين من ذلك أن المشرع رمى بتقنية هذا إلى عدم المساس بالحالات القانونية الثابتة والتي اكتسبها أصحابها في ظل القانون القديم ومن ثم إذا كان قانون المرافعات الجديد قد أنشأ طريقا للطعن في الأحكام لم يكن موجودا من قبل فلا يعمل به في شأن الأحكام الصادرة قبل هذا القانون لأن المحكوم له يكون قد اكتسب وفقا للقانون السابق حق عدم جواز الطعن في الحكم الصادر له. ومن حيث إنه لا يرد على هذا ما أثاره الطاعن من أن مناط الحق المكتسب على مقتضى قانون محكمة النقض إنما هو كون الحكم الصادر في عهد القانون القديم قد أعلن وانقضى ميعاد الطعن فيه قبل بدء العمل بالقانون الجديد، وأن الأحكام الصادرة في عهد القانون القديم التي لم تعلن للآن أو التي أعلنت ولم يمض عليها ميعاد الطعن عند وجوب العمل بالقانون الجديد أو التي أعلنت بعد العمل بهذا القانون - جميع هذه الأحكام يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض بشروطه وقيوده ومواعيده. ذلك لأن هذا الرأي الذي قالت به محكمة النقض في ظل المرسوم بقانون الصادر بإنشائها مؤسس على ما نص عليه الشارع في المادة 47 من نفس القانون في خصوص ما يجب اتباعه إلى الأحكام الصادرة قبل العمل به ومن ثم لا يجوز الاستدلال به ولا الاستناد إليه مع قيام النص الصريح في قانون المرافعات الجديد الذي يفيد عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام التي صدرت بصفة نهائية من المحاكم المختلطة قبل العمل به. ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة الاستئناف المختلطة في 29 من مارس سنة 1949 أي قبل العمل بقانون المرافعات الجديد وكان صدوره في ظل قانون المرافعات المختلط الذي ما كان يجيز الطعن بطريق النقض في الأحكام الانتهائية - لما كان ذلك - كان الدفع في محله ويتعين الحكم على مقتضاه.