برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل، وعبد العزيز سليمان، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
موظفون. لجنة ضباط الجيش. الاقتراحات التي تبديها في المسائل الداخلة في اختصاصها هي اقتراحات ملزمة. العدول عن طلب تسوية بعد إقرارها له وموافقة الوزير ورفعه للديوان الملكي للتصديق. لا أثر لهذا العدول. اقتراح لجنة ضباط الجيش في مسألة من المسائل الداخلة في اختصاصها عملا بالمادة السابعة من المرسوم الصادر في 21 يناير سنة 1925 هو اقتراح ملزم ولم يكن صدور النطق الملكي بالتصديق إلا إجراء شكليا. وإذن فمتى كانت هذه اللجنة قد انعقدت واقترحت ترقية أحد الضباط إلى رتبة أعلى وإحالته إلى المعاش وفقا للطلب المقدم منه ورفع الوزير اقتراحها للديوان الملكي بالموافقة في اليوم التالي قبل عدول الضابط عن طلب التسوية، فإن هذا العدول يكون عديم الأثر لوروده بعد الأوان.
موظفون. عيوب الرضا. إكراه. حكم. تسبيبه. نفيه بأسباب سائغة وقوع إكراه في طلب تسوية. تقرير موضوعي. تقرير الحكم بأن طلب التسوية الذي قدمه الضابط لم يكن مشوبا بالإكراه هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى كانت قد أقامت قضاءها على استخلاص سائغ.
موظفون. لجنة ضباط الجيش. إقرارها تسوية حالة ضابط بالجيش وفقا للطلب المقدم منه والذي تنازل فيه عن طلب التعويض. لا مصلحة له في الطعن على تشكيل هذه اللجنة. متى كانت لجنة الضباط قد سوت حالة الضابط وفقا للطلب المقدم منه، وكان قد تنازل في هذا الطلب عن المطالبة بالتعويض فإنه لا يكون له مصلحة في الطعن ببطلان تشكيل اللجنة المذكورة.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن كان ضابطا بالجيش المصري ثم رقي إلى رتبة القائمقام في 28 من يوليو سنة 1942. وفي 20 من مارس سنة 1945 وقع على إقرار بقبوله الترقية إلى رتبة الأميرالاي وإحالته على المعاش. وبعد أن صدر النطق الملكي بترقيته إلى هذه الرتبة وإحالته على المعاش أقام الدعوى رقم 2398 سنة 1945 كلي القاهرة على وزارة الحربية والبحرية وطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له متضامنين 3474 جنيها وأسس دعواه على أنه وقع إقرار قبوله الترقية والإحالة على المعاش بتأثير التهديد الذي يقول إنه وقع عليه من كاتم أسرار الحربية الذي أفهمه أنه إن لم يقبل التوقيع على الإقرار فإنه سيحال على الاستيداع - وأنه على أثر عودته إلى الإسكندرية أرسل في 24 من مارس سنة 1945 إلى وزير الحربية برقية يشكو فيها ما وقع عليه من تهديد ويطلب التحقيق ولكن الوزير أهمل النظر في هذا التظلم وفوجئ بصدور الأمر الملكي بترقيته إلى رتبة الأميرالاي وإحالته على المعاش - وأن هذا القرار مبني على مخالفة القانون وسوء استعمال السلطة. وفي 26 أبريل سنة 1947 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعوى. فاستأنف الطاعن الحكم وقيد استئنافه برقم 801 سنة 64ق استئناف القاهرة. وفي 20 من يناير سنة 1951 حكمت محكمة استئناف القاهرة بالتأييد، فقرر بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة. من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية. ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم خالف القانون إذ كان من بين ما نعاه الطاعن على الإجراءات التي انتهت بصدور الأمر الملكي بإحالته على المعاش أن لجنة الضباط حين اجتمعت للنظر في موضوعه لم تكن مشكلة تشكيلا صحيحا وفقا لما ورد في الكتاب الدوري رقم 69/1/44 الصادر من وزارة الدفاع والذي زيد بموجبه أعضاء اللجنة فأصبحوا خمسة بعد أن كانوا ثلاثة. ولكن اللجنة انعقدت من ثلاثة ضباط الذين وجهت إليهم الدعوة وحدهم دون باقي الأعضاء وأن ذلك مبطل لعمل اللجنة ولا يصحح هذا البطلان أن القانون يكتفي لصحة مداولات اللجنة أن يحصرها ثلاثة أعضاء لأن مناط ذلك أن توجه الدعوة إلى الأعضاء جميعا، ولكن محكمة الاستئناف لم تأخذ بهذا الدفاع بمقولة إنه تبين لها أن اللجنة كونت من ثلاثة أعضاء وفقا للمرسوم الصادر في 21 من يناير سنة 1925 وأن رأيها تبديه على سبيل الاقتراح والمشورة مع ما في ذلك من مخالفة للقانون بإغفال الكتاب الدوري رقم 69/1/44. وكون اللجنة تبدي رأيها على سبيل الاقتراح والمشورة لا يمنع من مراعاة الإجراءات الشكلية اللازمة لصحة انعقادها يضاف إلى ذلك أن اتجاه المشرع بدا واضحا في المرسوم الصادر في 2 مايو سنة 1946 بأنه يقصد أن يمنح هذه اللجنة سلطة نهائية فيما يتعلق بتعيين الضباط وترقيتهم وإحالتهم على المعاش ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم شابه القصور وأخطأ في تطبيق القانون إذ دفع الطاعن بأن الإقرار الصادر منه مشوب بالتهديد وأنه أرسل برقية في 23 مارس سنة 1945 إلى الوزير يشكو فيها ما وقع عليه من إكراه ويلتمس التحقيق وأن هذه البرقية تعتبر عدولا عن الاستقالة فلم تأخذ محكمة الدرجة الأولى بهذا الدفاع بمقولة إن البرقية حررت بعد الأوان وأن وزير الدفاع كان قد اعتمد قرار لجنة الضباط في اليوم السابق لورودها مع أن موافقة وزير الحربية ليست بذات أثر لأن تعيين وعزل رجال الجيش لا يكونان إلا بأمر ملكي وفقا للمادة 46 من الدستور ولم يبلغ الأمر الملكي لوزارة الدفاع إلا في 29 مارس سنة 1945 ولم ينشر في النشرة العسكرية إلا في أول أبريل وعاد الطاعن إلى إثارة هذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف وإلى بيان وجه الخطأ في القانون الذي وقع فيه حكم محكمة الدرجة الأولى ولكن محكمة الاستئناف أغفلت الرد عليه وذلك منها قصور يعيب الحكم. ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم شابه الفساد في الاستدلال والقصور وبطلان الإسناد إذ دفع الطاعن بفساد السبب الذي استندت إليه لجنة الضباط في قرارها بإحالته على المعاش واستند إلى التقارير السرية المودعة ملفه وكلها تشهد بكفاءته ومنها أربعة تقارير صادرة من اللواء .................. أحد أعضاء اللجنة ولكن المحكمة لم تعن بمراقبة صحة الأسباب التي استندت إليها اللجنة في قرارها واقتصرت على القول بأن الطاعن وإن كان على خلق كريم إلا أنه تنقصه الدراية بالتعاليم العسكرية دراية تامة وأخذت الطاعن بالتقارير السابقة على ترقيته إلى رتبة القائمقام مع أن هذه التقارير لم تمنع من ترقيته إلى تلك الرتبة، ومع أن منها ما يشيد بكفاية الطاعن. ويتحصل السبب الرابع في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور إذ دفع الطاعن بأن قرار لجنة الضباط أقيم على الطلب المقدم منه مع أن هذا الطلب مشوب بإكراه يبطله ولذلك لم تشر اللجنة في قرارها إلى المادة 14 من القانون رقم 59 سنة 1930 الخاص بمن يحال من رجال الجيش على المعاش بناء على طلبهم كما خلت المكاتبات العديدة الصادرة من وزارة الدفاع ووزارة المالية وديوان المحاسبة من أية إشارة إلى ذلك فكان رد الحكم أن الطاعن لم يقدم ما يثبت أن ضغطا وقع عليه وأن الذي تكشف عنه ظروف الدعوى هو أنه قدر حالته وموقفه قبل تقديم طلب الإحالة على المعاش وهو رد قاصر البيان لم يتناول الاعتبارات والبيانات التي أوردها الطاعن مدللا بها على الإكراه الذي وقع عليه من الوزارة وكان محل مؤاخذة ديوان المحاسبة. ومن حيث إن هذه الأسباب جميعا مردودة أولاً بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عنى بالاطلاع على ملف الطاعن وأشار إلى التقارير التي قدمت عنه من وقت إلحاقه بخدمة الجيش إلى وقت إحالته على المعاش وأن هذه التقارير كانت مرضية جدا عدا ما كتب منها في سنة 1927 وسنة 1928 إذ كتب عنه قائد قسم القاهرة "يلوح لي أن هذا الضابط إما يحتاج لتمرينات وتعليم عسكري زيادة حتى يكون تعليمجي جيد جدا وليس متوسط، أو نقله إلى المهمات أو ما أشبه ذلك" وأنه في سنة 1929/1930 كتب قائده عنه أنه "كان معينا ضابط كوارتر ماستر الأورطة وكانت أشغاله غير مرضية. وأنه "في تمرينات الميدان متوسط" وفي سنة 38/1939 عندما كان في سلاح المهمات كتب رئيسه عنه "إنه يحتاج إلى العناية وسرعة إنجاز الأعمال الكتابية بأقسامه" وكتب رئيس الإمداد والتموين عنه أنه "يجب أن يبذل مجهودا أكثر وأن يبدل هذه الروح بأحسن منها" وأنه في سنة 1941/1942 كان التقرير عنه مرضيا وفي سنة 1942/1943 كان التقرير عنه مرضيا جدا، وأنه ثابت في ملخص التقارير أنه حضر فرقة الضباط العظام الرابعة وتخرج منها في 7/6/1942 وحصل على الدرجة ب وكانت ملاحظات كبير المعلمين عنه كالآتي: "اشتغل هذا الضابط جيد جدا وأظهر تقدما خلال الدورة ولا تزال تنقصه تجارب زيادة عن الأسلحة الأخرى بخلاف سلاحه". وأنه تبين أنه نسب إلى الطاعن تهاون بشأن البكباشي ..................، وبعد أن سرد الحكم موضوع هذا التهاون من واقع الملف السري وأنه كان من نتيجته أن أثبت رئيس إدارة الجيش أن الطاعن - وكان قائد الكتيبة التي كان البكباشي .................. ملحقا بها - "قد تهاون في محاسبة هذا البكباشي عندما أخر تقديم الحساب ولم يشرع بسؤاله بصفة جدية عن ذلك حتى بعد أن قدم كاتب أول الكتيبة تقريرا لقوته يوم 11/9/1943 إلى أن غاب البكباشي المذكور يوم 13 منه فاضطر للتبليغ بما يحوزه من نقود أميرية ليقلل عظم المسئولية الملقاة على عاتقه كقائد كتيبة مسئول عن ملاحظة قفل حساب الخزينة في الميعاد القانوني شهريا وأن الطاعن صدق للبكباشي المذكور على طلبي إجازة اعتيادية يومي 11 و12/9/1943 بينما الطلب لم يكن بالطرق القانونية وليس من سلطته التصديق عليه مع علمه بأن البكباشي لم يقدم حسابا عن ماهيات الملحقات وأنه لم يصرف بعض الماهيات لمستحقيها وأن الطاعن يستحق اللوم لهذا التهاون مع إعفائه من قيادة الكتيبة في الوقت الحاضر" وأن ذلك انتهى إلى أن إدارة الجيش رأت أولاً: إحالة البكباشي .................. إلى الاستيداع لمدة سنة. ثانيا- إحالة الطاعن إلى الاستيداع لمدة ستة شهور ولكن رئيس أركان حرب الجيش اكتفى بالتكلم مع الطاعن وإنذاره كما تدل على ذلك الإشارة الموجودة بالملف في 10/10/1943 وأنه في 23/4/1944 صدرت نشرة عسكرية بندب الطاعن إلى إدارة القرعة وهي خدمة خارج السلاح. وبعد أن أورد الحكم التقارير الطبية التي قدمت بشأن الطاعن انتهى إلى أن ندبه للخدمة خارج السلاح لم يكن بسبب مرضه كما ادعى وإنما بسبب ما نسب إليه من التهاون في أمر البكباشي ..................، وانتهى الحكم من ذلك كله إلى القول بأن "المستأنف (الطاعن) لم يكن كما قاله في مذكره دفاعه أنه ضابط حسنت فيه التقارير السرية فهو وإن كان على خلق كريم إلا أنه تنقصه الدراية بالتعاليم العسكرية دراية تامة" ولما كان يبين من الاطلاع على الملف السري أن كل ما أثبته الحكم وارد بالملف وأن ما انتهى إليه الحكم من أن الطاعن تنقصه الدراية بالتعاليم العسكرية دراية تامة هو نتيجة تسوغها المقدمات التي أثبتها الحكم واستقاها من ملف الطاعن كان غير صحيح ما ورد بالطعن من أن الحكم شابه الفساد في الاستدلال أو الخطأ في الإسناد وأن لجنة الضباط إذ قررت أنها "اطلعت على ملف الضابط المذكور فوجدت أن كفاءته العسكرية دون المطلوب لرتبة الأميرالاي وما جاء به لا يشجع على ترقيته مع استمرار خدمته" إذ قررت اللجنة ذلك إنما استندت إلى أسباب صحيحة تسوغها الوقائع الواردة بملف الطاعن كما جاء بالحكم. ومردود ثانيا - بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه تناول ما دفع به الطاعن من أنه قدم طلب تسوية حالته تحت تأثير الإكراه الواقع عليه من الوزارة وقال: "إن الطلب الذي قال المستأنف إنه قد أكره على تقديمه نصه كالآتي: "حضرة صاحب المعالي وزير الدفاع الوطني حيث إن دوري للترقي إلى رتبة الأميرالاي قد حل الآن ولم أرق إليها فإني أرفع ملتمسي هذا لمعاليكم راجيا ترقيتي إلى رتبة الأميرالاي إذا وافقتم معاليكم على ذلك مع تسوية معاشي على أساس ماهيتها وإني أتنازل عن بقائي في الخدمة لحين بلوغ سن التقاعد المقررة للرتبة المذكورة. ولمعاليكم الحق في إحالتي على المعاش بعد ترقيتي إلى رتبة الأميرالاي في أي وقت تشاءون ما دام معاشي سيسوى على أساس ماهيتها ولا يكون لي حق لأي سبب من الأسباب في مطالبة الحكومة بأي تعويض عن إحالتي على المعاش قبل بلوغي سن التقاعد طبقا لما تقدم وهذا إقرار مني بذلك. وزارة الدفاع 20 مارس سنة 1945"، وأنه تبين من ملف خدمة المستأنف أن لجنة الضباط اجتمعت مباشرة في 21 مارس سنة 1945 وأعضاؤها ثلاثة هم الفريق رئيس هيئة أركان حرب الجيش واللواء رئيس إدارة الجيش واللواء رئيس إدارة الإمدادات والتموين وقررت ما يأتي: "اطلعت اللجنة على ملف الضابط المذكور أعلاه فوجدت أن كفاءته العسكرية دون المطلوب لرتبة الأميرالاي وما جاء به لا يشجع على ترقيته مع استمرار خدمته. وحيث إن هذا الضابط قدم التماسا بتسوية حالته وترقيته إلى رتبة الأميرالاي مع قبول الإحالة إلى المعاش في أي وقت تشاء وزارة الدفاع الوطني ما دام معاشه سيسوى على أساس رتبة الأميرالاي، ونظرا لطول مدة خدمته ولأن أخلاقه الشخصية في جميع أدوار حياته العسكرية كانت مرضية للغاية وأن اللجنة لا ترى مانعا من إجابة طلبه ما دامت الميزانية تسمح بذلك - لذلك توصي اللجنة بترقية الطاعن من إدارة القرعة إلى رتبة الأميرالاي اعتبارا من أول أبريل سنة 1945 على أن يحال إلى المعاش من 2 أبريل سنة 1945 مع تسوية معاشه على رتبة الأميرالاي. وبتاريخ 22 مارس سنة 1945 أرسل وزير الدفاع الخطاب الآتي نصه إلى ديوان الملك "أتشرف بأن أقدم لرفعتكم الالتماس المرفق الخاص بترقية الطاعن من إدارة القرعة إلى رتبة الأميرالاي ........ وذلك بناء على اقتراح لجنة الضباط المنصوص عنها في المادة السابعة من المرسوم الملكي الصادر في 21 من يناير سنة 1925 ومع موافقتنا على هذا الاقتراح أرجو رفع ذلك إلى العتبات الملكية وموافاتي بالنطق الملكي. وبتاريخ 29 من مارس أرسل ديوان الملك إلى وزير الدفاع بأنه رفع إلى الملك هذا الأمر فصدر النطق السامي بالموافقة عليه .... ثم أشار الحكم إلى البرقية التي أرسلها الطاعن من الإسكندرية في 23 من مارس سنة 1945 وما جاء فيها من أنه "طلب منى كتابة إما الترقي لأميرالاي بدوري والإحالة للمعاش وفي حالة الرفض عدم الترقي والاستيداع. معاليكم بعد المولى القدير معينا للمعوزين المظلومين أهيب بمعاليكم التحقيق وقال الحكم في الرد على ادعاء الطاعن أنه أكره على تقديم طلب التسوية، أو أن هذا الطلب يعتبر كأن لم يكن بعد إرسال الطاعن برقية 23 من مارس سنة 1945 "أنه لو كان قول الطاعن صحيحا لبادر بإرسال البرقية بعد أن فارق الجو الذي يدعي أنه كان محاطا به في وزارة الدفاع ولأرسلها توا من القاهرة قبل أن يبرحها إلى الإسكندرية فضلا عن أن هذه البرقية لا يمكن أن يكون لها أثر بعد أن اتخذ طلبه الأول سبيل التنفيذ لتحقيق ما جاء به قبل وصولها ... ومن ناحية أخرى، فإن المستأنف لم يثبت أنه كان مضطهدا أو كان على عداء مع كاتم أسرار الحربية أو كبار الضباط، كما أنه لم يثبت أن إحالته على المعاش كان الغرض منها ترقية شخص أو أشخاص معينين. ولم يتقدم من ناحية أخرى بما يثبت أن ضغطا أو إكراها أو عنتا وقع عليه، وإنما الذي تكشفت عنه ظروف الدعوى وملابساتها أن المستأنف قدر حالته وموقفه كل التقدير مما جاء في التقارير السرية عنه وفيما نسب إليه بشأن تهاونه في أمر البكباشي ............. وعرف أن وزارة الدفاع تراعي مصلحة العمل في الجيش من جهة وآنس من جهة أخرى حرصها على مصلحته المادية والأدبية وعرف ألا سبيل لترقيته لعدم كفاءته ومقدرته في الميدان فتقدم بهذا الطلب طائعا مختاراً ليفوز بالترقية قبل إحالته على المعاش بتسوية معاشه على رتبة أعلى ولقد كان جائزاً لوزارة الدفاع أن تتخذ الإجراءات لإحالته إلى المعاش بدون طلب وبدون ترقية" - ومن ذلك كله يبين أن المحكمة عنيت ببحث ما دفع به الطاعن من أنه قدم إقراره تحت تأثير الإكراه الواقع عليه من وزارة الدفاع وذكرت الظروف التي سبقت تقديم هذا الإقرار وتلته وخلصت من ذلك إلى أن إكراها لم يقع. ولما كان ذلك مما تستقل به محكمة الموضوع ما دام ما انتهت إليه فيه قائما على أدلة سائغة كما هو الحال في هذه الدعوى، وكان الحكم إذ سرد هذه الوقائع وعرض لأقوال الطرفين بشأنها قد خلا من القصور - كان غير صحيح ما ورد بالنعي من أن الحكم شابه القصور أو أخطأ في القانون، أما ما جاء بالنعي من أن اللجنة لم تشر في قرارها إلى المادة 14 من القانون رقم 59 لسنة 1930 الخاص بمن يحال من رجال الجيش على المعاش بناء على طلبهم، فمردود بأنه من الثابت قطعا أن الإجراءات التي اتخذت كانت بناء على الطلب المقدم من الطاعن وأن لجنة الضباط أشارت إليه في قرارها فإذا كانت الوزارة قد استطاعت أن تيسر للطاعن المعاملة في المعاش على أساس رتبة الأميرالاي متجاوزة في ذلك نص الفقرة الثانية من المادة 14 من القانون رقم 59 لسنة 1930 التي تنص على معاملته في هذه الحالة على رتبة دون ذلك - فإن ذلك لا يستفاد منه أن الإحالة على المعاش لم تكن بناء على طلبه. ومردود ثالثا بأن ما جاء بالحكم من أن عدول الطاعن عن طلب التسوية لا يمكن أن يكون له أثر بعد أن اتخذ طلبه الأول سبيل التنفيذ - صحيح في القانون - ذلك بأن المادة السابعة من المرسوم الصادر في 21 من يناير سنة 1925 الخاص بإنشاء مجلس الجيش ولجنة الضباط نصت على أنه "ينشأ كذلك بوزارة الحربية لجنة تدعى لجنة الضباط وتشكل .. وتختص هذه اللجنة باقتراح المسائل الآتية - على الوزير أمر تعيين الضباط أيا كانت درجتهم وترقيتهم وإحالتهم إلى الاستيداع أو المعاش أو رفتهم ... ويرفع وزير الحربية إلى الملك المسائل المبينة في البندين الأول والثاني من هذه المادة للتصديق عليها. ومن هذا النص يبين أن اقتراح لجنة الضباط في مسألة من المسائل الداخلة في اختصاصها هو اقتراح ملزم وأن صدور النطق الملكي ما هو إلا إجراء شكلي. ولما كان يبين أن اللجنة انعقدت واتخذت قرارها في شأن الطاعن يوم 21 من مارس سنة 1945 ورفع الوزير اقتراحها إلى الديوان الملكي يوم 22 من مارس سنة 1945 قبل أن يكتب الطاعن برقيته التي سماها عدولا عن طلب التسوية - فإن هذا العدول إن صح أن عبارة البرقية تفيده - يكون قد ورد بعد الأوان ويكون ما جاء بالحكم بأنه غير ذي أثر صحيحا في القانون فضلا عن أن قبول الوزير للاستقالة كان قد تم في يوم 22 من مارس قبل إرسال البرقية. ومردود رابعاً بأنه لا مصلحة للطاعن في الطعن ببطلان تشكيل لجنة الضباط متى كان الثابت مما تقدم أنها أجابته إلى طلبه. ذلك الطلب الذي تنازل فيه الطاعن عن المطالبة بالتعويض والذي أثبت الحكم أنه كان طلبا صحيحا غير مشوب بإكراه. وأن اللجنة إذ قررت أن ما جاء بملفه لا يشجع على ترقيته مع استمرار خدمته، إنما استندت إلى أسباب صحيحة مستمدة من واقع الملف المذكور. ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.