برياسة عبد العزيز محمد رئيس المحكمة وحضور محمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمود عياد ومحمد أمين زكي.
طرح البحر. ملكية الدولة له بمجرد ظهوره. هذه الملكية غير مقيدة بأي شرط واقف أو فاسخ. ليس على الدولة إلا مراعاة القانون في توزيعه. القانون رقم 48 لسنة 1932. إنه وفقاً لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1932 تعتبر أطيان طرح البحر بمجرد ظهورها ملكاً للدولة وأنه يتعين عليها أن تراعي أحكام القانون في توزيع ما يجوز توزيعه من هذه الأطيان، فهي تملك أطيان طرح البحر ابتداء بمجرد ظهورها ثم تملك ما يجوز توزيعه منها على أرباب أكل البحر وملكيتها لهذا الطرح هي ملكية محررة من أي شرط واقف أو فاسخ وإنما عليها أن تراعي في توزيعها الشروط المبينة في القانون.
طرح البحر. توزيعه. الضمانات التي وضعها القانون لتقرير عدالة التوزيع. أنه وإن كان القانون رقم 48 لسنة 1932 قد نص في مادته العاشرة على أن يكون قرار وزير المالية بتوزيع طرح البحر نهائيا لا معارضة فيه رغم خلو نصوصه من تقرير حق أرباب أكل البحر في الاعتراض على الإجراءات التي تسبق صدور هذا القرار إلا أن الواقع أن القانون قد خولهم هذا الحق، إذ نصت المادة الثالثة منه على وجوب النشر والإعلان عن عملية مساحة طرح البحر قبل البدء فيها بخمسة عشر يوما على الأقل - الأمر الذي قصد به ضمان علم أصحاب الشأن بهذه العملية لتقديم ما قد يبدو لهم من اعتراضات بشأنها وتحقيقا لهذا الغرض أصدر وزير المالية في 15 من نوفمبر سنة 1932 لائحة تنفيذية تقضي بأن تقوم كل مديرية بتخصيص أطيان طرح البحر على أرباب أكل البحر بنسبة المقيد لكل مالك بدفاترها وبأن تقوم بتوزيع أطيان الطرح لجنة مؤلفة من أحد معاوني الإدارة ومعه مندوب المساحة ومن العمدة واثنين من مشايخ البلدة ومندوب المركز بمجلس المديرية وبحضور أصحاب الشأن بعد إعلانهم جميعا قبل البدء في العمل على أن يوقع هؤلاء الأخيرون على قوائم التوزيع حتى إذا كان لأحد منهم اعتراض على كيفية التوزيع قدم شكواه إلى المديرية وهي بعد تحقيق هذا الاعتراض ترفعه إلى وزارة المالية برأيها فيه لتعيد النظر في الشكوى ولتفصل فيها، وبعد ذلك يصدر وزير المالية قراره النهائي وعلى مقتضى ذلك يعتبر تسليم طرح البحر لأربابه كل بمقدار ما خصه في كشف التوزيع الذي يوقع عليه أرباب الشأن - وقد كان اشتراط صدور هذه اللائحة ملحوظا عند وضع مشروع القانون رقم 48 لسنة 1932 ولهذا خلت نصوصه من بيان الأحكام التي تضمنتها اللائحة، ويبين من هذا أن القانون قد وضع الضمانات الكافية لأرباب أكل البحر بعد ظهور الطرح والشروع في توزيعه.
طرح البحر. قرار وزير المالية بتوزيعه. هو من القرارات الإدارية التي لا يجوز للمحاكم أن تلغيها. القانون رقم 48 لسنة 1932 والمادة 18 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 والمادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية. قرار وزير المالية بتوزيع أطيان طرح البحر هو من القرارات الإدارية التي لا يجوز للمحاكم العادية إلغاؤها عملا بنص المادة 18 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 المقابلة للمادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية. وإذن فمتى كانت محكمة الموضوع قد قررت أن قرار وزير المالية بتوزيع طرح البحر موضوع النزاع على أحد خصوم الدعوى هو سند ملكيته لهذه الأطيان مما يمتنع معه البحث في أسباب الملكية التي استند إليها القرار المشار إليه فإنها لا تكون قد خالفت القانون ولا يعيب حكمها أن تكون قد وصفت هذا القرار خطأ بأنه عمل من أعمال السيادة ما دامت قد انتهت إلى نتيجة صحيحة.
طرح البحر. قرار وزير المالية بتوزيعه. القول بأنه إذا كان مخالفا للقانون وجب عدم الاعتداد به لمخالفته للمادة 9 من الدستور التي لا تجيز نزع ملكية أحد إلا لمنفعة عامة وبشرط دفع تعويض عادل. على غير أساس. علة ذلك. القول بأنه إذا صدر قرار من وزير المالية بتوزيع طرح البحر مخالفا لنصوص القانون رقم 48 لسنة 1932 وجب على المحاكم عدم الاعتداد به لمخالفته نص المادة التاسعة من الدستور التي تقضي بأن لا ينزع من أحد ملكه إلا للمنفعة العامة وبشرط تعويضه عنه تعويضا عادلا. هذا القول مردود بأن الأطيان التي يطغى عليها البحر تزول ملكيتها قانونا بمجرد أكل البحر وبأن أطيان طرح البحر لا تعتبر مملوكة لمن أكل البحر من أطيانهم إلا بعد توزيعها عليهم من الدولة التي تعتبر المالكة قانونا لأطيان الطرح بمجرد ظهورها وعلى ذلك لا يكون قرار وزير المالية بالتوزيع متضمنا نزع ملكية أي شخص من ملكه.
من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام على الطاعنين وعلى المطعون عليها الثانية والثالثة وعلى آخرين لم يختصموا في الطعن دعوى لدى محكمة قنا الابتدائية قيدت في جدولها برقم 78 سنة 1945 كلي طلب فيها الحكم: أولاً - وبصفة مستعجلة بتعيين حارس على الأطيان المبينة حدودها ومعالمها بصحيفة افتتاح الدعوى ومقدارها 6 أفدنة و10 قراريط لإدارتها وإيداع صافي ريعها خزينة المحكمة. ثانيا - بثبوت ملكيته إلى الأطيان المذكورة وبتسليمها إليه مع إلزام من عدا المطعون عليهما الثانية والثالثة من خصومه بالمصروفات وأتعاب المحاماة واحتياطيا بإلزام المطعون عليهما المذكورتين الأولى من مالها الخاص وكليهما من تركة مورثهما المرحوم ................... بصفته ضامنا متضامنا بأن يدفعا إلى المطعون عليه الأول مبلغ 721 جنيها و950 مليما مع المصروفات وأتعاب المحاماة. وقال في بيان دعواه أنه اشترى الأطيان المذكورة - الكائنة بزمام جزيرة مطيرة مركز قوص بحوض الساحل رقم 9 طرح بحر مستجد - من المطعون عليها الثانية بتوكيل أبنها المرحوم ......... مورثها هي والمطعون عليها الثالثة بضمانة ضمان تضامن بصفته الشخصية وذلك بمقتضى عقد بيع مؤرخ في 20 من مارس سنة 1944 ومسجل في 8 من يوليو سنة 1944. وأن هذه الأطيان قد آلت ملكيتها إلى البائعة عن طريق التسليم من الحكومة بدل أكل بحر بمقتضى قرارين وزاريين صادر أولهما في 3 من فبراير سنة 1936 رقم 39 والثاني في سنة 1942 رقم 44 - وفي 10 من أبريل سنة 1945 حكمت المحكمة برفض الطلب الخاص بوضع الأطيان تحت الحراسة - وفي 31 من ديسمبر سنة 1945 حكمت تمهيديا وقبل الفصل في موضوع الطلبات الأخرى بندب خبير زراعي لتطبيق المستندات المقدمة من طرفي الخصومة على الطبيعة لمعرفة ما إذا كانت الأطيان موضوع النزاع تدخل في ملكية الطاعنين ومن عداهم ممن لم يختصموا في الطعن وبحث سند ملكية كل من الخصوم وعلى الأخص أساس تمليك البائعة إلى المطعون عليه الأول وهل صدر قراران وزاريان بتمليك البائعة المذكورة الأطيان موضوع النزاع بالذات أم إنه على فرض صدورهما تناولا أطيانا أخرى وبيان السبب في ملكية البائعة عن طريق عقد البيع الصادر لها من ابنها ووكيلها .................. والمؤرخ في 25 من يوليه سنة 1934 وأساس هذا البيع إذا سلم بأن القرارين الوزاريين لم يكونا قد صدرا وقت حصول البيع وتحقيق وضع اليد ومدته - وبعد أن قدم الخبير تقريره أعيدت إليه المأمورية فقدم ملحقا للتقرير - وفي 23 من مارس سنة 1948 حكمت المحكمة للمطعون عليه الأول بطلبه الأصلي وهو ثبوت ملكيته للأطيان موضوع النزاع. فرفع الطاعنون استئنافا عن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط قيد في جدولها برقم 160 سنة 23ق - وفي 21 من أبريل سنة 1951 حكمت المحكمة المذكورة بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعنين والمطعون عليه الأول والنيابة العامة وبعد المداولة. ومن حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة إلى الطاعن السابع لأنه لم يصدر منه توكيل إلى محاميه الذي قرر بالطعن. ومن حيث إن هذا الدفع في محله. ذلك أنه يبين من مراجعة الأوراق أن التوكيلات التي قدمت بملف الدعوى وقت التقرير بالطعن قد صدرت من الطاعنين عدا السابع ولم يقدم بعد ذلك بملف الطعن ما يدل على أن المحامي الذي قرر بالطعن كان موكلا عن هذا الطاعن قبل التقرير بالطعن - ولما كانت المادة 429 من قانون المرافعات توجب أن يكون المحامي المقرر للطعن موكلا عن الطاعن وترتب البطلان جزاءا على مخالفة ذلك فإنه يتعين قبول الدفع. ومن حيث إنه بالنسبة إلى باقي الطاعنين فقد استوفى الطاعن أوضاعه الشكلية. ومن حيث إنه بني على ثلاثة أسباب: يتحصل السبب الأول منها في تعييب الحكم بقصور أسبابه - ويقول الطاعنون في بيان ذلك. أولاً - إن ادعاء المطعون عليه الأول ملكيته للأطيان موضوع النزاع كان يقوم على أنه اشتراها من المطعون عليها الثانية وعلى أن البائعة إليه تملكت ما باعته عن طريق توزيعه عليها من وزارة المالية لطرح بحر وعلى أن ملكيتها لما أكله البحر من أطيانها ترجع إلى عقد بيع صدر لها من ابنها ........ في سنة 1934 وعلى أن ملكية الأخير لما باعه إليها بهذا العقد ثابتة من عقد بيع عرفي صدر له من آخرين في سنة 1921 ولم يسجل إلا في سنة 1934 قبل صدور البيع منه إلى والدته المطعون عليها الثانية بيومين اثنين ولكنه ثابت التاريخ رسميا بوفاة أحد الشهود الموقعين عليه - فتمسك الطاعنون بصورية العقد الصادر في سنة 1934 من .................. إلى والدته مستدلين على ذلك بأن ............ هذا قد باشر العقد بصفته بائعا وبصفته وكيلا عن المشترية كما تمسكوا بصورية العقد المؤرخ في سنة 1921 وبتزويره مستدلين على صوريته بأنه من غير المعقول أن يجمع المشتري بهذا العقد البائعين إليه على كثرتهم في صعيد واحد ليبيعوا له الأطيان المبينة في العقد ومقدارها 43 فدانا وبسعر الفدان جنيها واحدا - وعلى التزوير بأن العقد يحمل توقيعات لأشخاص توفوا قبل تاريخ صدوره كما يحمل توقيعات لأشخاص باعتبارهم من ورثة من كلفت بأسمائهم الأطيان المبيعة منهم في حين أنه لم تكن لهم صلة بأرباب المكلفات المذكورة ولم يكونوا من ورثتهم - وأبدى الطاعنون استعدادهم للطعن في هذا العقد الأخير بالتزوير وطلبوا من محكمة الاستئناف أن تأمر بضبط هذا العقد الأخير وإحضاره تمهيدا للطعن فيه بالتزوير ولكن المحكمة المشار إليها أهدرت هذا الدفاع ورفضت تحقيقه تأسيسا على أن الطعن على هذا العقد بالصورية تارة وبالتزوير تارة أخرى هما دفاعان متناقضان مع أنه ليس صحيحا في القانون أن الغير الأجنبي عن العقد لا يستطيع أن يجمع في طعنه عليه بين الصورية والتزوير معا. (ثانيا) أن الطاعنين عندما رفعوا استئنافهم نعوا على الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى أنه لم يمنحهم (الطاعنين) مهلة لتقديم مستنداتهم حتى يمكن تطبيقها على الطبيعة تنفيذا للحكم التمهيدي وأنه لم يعن ببحث أصل ملكية المطعون عليها الثانية تنفيذا لهذا الحكم كما طعنوا على تقريري هذا الخبير بالتناقض إذ قال في تقريره الأول تحت عنوان "نتيجة المعاينة وبحث القضية" إن من الأطيان الواردة في عقد المطعون عليه الأول قطعتين تخالف حدودهما في الطبيعة الحدود الواردة في العقد ثم قال في تقريره الثاني بعدم انطباق عقد 10 من أبريل سنة 1921 على الطبيعة، ولكنه عاد وناقض نفسه في نتيجة هذا التقرير الثاني إذ قرر أن حدود القطعتين المشار إليهما تنطبق على قواعد التسليم وعلى أرض النزاع - تمسك الطاعنون بهذا النعي وقدموا إلى محكمة الاستئناف مستندات ملكيتهم وهي الكشوف الرسمية ولكن الحكم المطعون فيه لم يعرض لبحث ملكية المطعون عليها الثانية إلا فيما قاله عن الكشوف الرسمية وتقرير الخبير وقانون طرح البحر مما يعد كله ناقلة ولا يصح حمل الحكم عليه - كما أن الحكم إذ تحدث عن الكشوف الرسمية المقدمة من الطاعنين قال إنها لا تصلح للتطبيق ولا تؤدي إلى إثبات ملكية الطاعنين لشيء من أرض النزاع التي يعتد فيها باعتبارها أراضي طرح بحر بالتسليم بمقتضى قرار وزير المالية - وهذا الذي قاله الحكم فضلا عن قصوره لعدم تمحيصه أصل ملكية الطاعنين لا يصلح ردا على دفاع الطاعنين في خصوص مسألة التطبيق لسببين أولهما أن الحكم إذ قال إن الاعتداد في مثل أرض النزاع هو بقرار وزير المالية قد أغفل ما أثبته الخبير في تقريره الأول من أنه اطلع على القرارين الوزاريين اللذين تسلمت بموجبهما المطعون عليها الثانية أرض النزاع وأن القرارات الوزارية لا تحدد تسليم طرح البحر لأشخاص معينين ولكنها تقرر تسليم أرباب أكل البحر كل أراضي طرح البحر ثم تقوم المديرية بناء على هذه القرارات بعمليتي التقسيم والتوزيع. والسبب الثاني أن الحكم قد رفض بحث ملكية الطاعنين والمؤسسة على الكشوف الرسمية التي قدموها بمقولة أنها لا تصلح لإثبات ملكيتهم لأرض النزاع بالذات - وفي الوقت ذاته قبل نفس الدليل بالنسبة إلى المطعون عليها الثانية وهو الكشوف الرسمية عن الأطيان المكلفة باسمها مع أن هذه الكشوف لا تصلح هي أيضاً للتطبيق. (ثالثا) أن الطاعنين تمسكوا في صحيفة الاستئناف بأن أرض النزاع كانت قبل أن يأكلها البحر مكلفة على آبائهم كما تمسكوا بأن ملكيتهم لها قد اقترنت بوضع اليد مدة طويلة بغير منازع وبأن محكمة الدرجة الأولى قالت في الحكم الصادر برفض دعوى الحراسة وأنه يثبت لديها أن البائعة - المطعون عليها الثانية لم تضع اليد إطلاقا على أرض النزاع وتمسكوا أيضاً بأن وضع يدهم هذا ثابت من تقرير الخبير ومن صحيفة افتتاح الدعوى ولكن الحكم المطعون فيه أساء فهم هذا الدفاع ونعى على الطاعنين أنهم لم يقدموا ما يدل على توافر شروط وضع اليد المكسب وأنهم لم يدعوا بذلك واقتصروا على القول بأنهم واضعوا اليد دون تحديد أي مدة لوضع اليد وادعوا أنهم استلموا أرض النزاع بمقتضى قرارين وزاريين دون أن يذكروا تاريخ التسليم حتى يمكن تحديد بدء مدة وضع اليد وانتهى الحكم من هذا إلى أن هذا التجهيل لا يمكن أن يفسر إلا بعدم جدية ادعاء الطاعنين، مع أن الحق هو غير ما فهم الحكم ذلك لأن الطاعنين لم يتمسكوا به كدليل على هذه الملكية ومظهر لها ولهذا قرروا غير مرة أن ملكيتهم قد اقترنت بوضع اليد ولم يقولوا أنها نشأت منه ولم يكن البحث دائرا قط حول كسب الملكية بالتقادم - ويتحصل السبب الثاني في النعي بعدم قيام الحكم المطعون فيه على أساس قانوني لأنه هو والحكم المستأنف يقومان على أسباب متشابكة لا تصلح أساسا للقضاء بملكية المطعون عليه الأول للأطيان موضوع النزاع ولا يوجد منها سبب واحد يصح حمل الحكم عليه، ويقول الطاعنون في بيان ذلك: أولا - أن محكمة الموضوع قد اتخذت من انعدام دليل ملكية الطاعنين للأرض موضوع النزاع دليلا إيجابيا على ملكية المطعون عليها الثانية مع أن هذا خطأ واضح لأن غياب المدعى عليه لا يعفي المحكمة من فحص أدلة المدعي على صحة دعواه وتحقيقها حتى إذا رأت قصورها عن إثبات الدعوى حكمت برفضها. ثانيا - أن المحكمة قد اتخذت من إقرار بعض الخصوم ممن لم يختصموا في الطعن بعدم منازعة المطعون عليه الأول في ملكية الأطيان موضوع الدعوى حجة على الطاعنين وأسندت إلى بعض الطاعنين أنهم أقروا أيضا بعدم منازعة المطعون عليه الأول في الملكية واعتبرت هذا الإقرار من بعض الطاعنين حجة على باقيهم مع أن الإقرار حجة على المقر وحده ولا يتعداه إلى غيره. ثالثا - أن الحكم إذا استند في أسبابه إلى إقرار الطاعنين الأول والثالث والرابع والخامس بعدم منازعة المطعون عليه الأول في الملكية ولا في وضع اليد قد شابه خطأ في الإسناد ومسخ لما هو ثابت في الأوراق ذلك أن الحكم قال أن الطاعن الأول قد اعترف بعدم المنازعة في إقرار موقع عليه منه ومرفق بملحق تقرير الخبير وفي مذكرة مقدمة منه إلى محكمة الدرجة الأولى لجلسة 27 من مارس سنة 1945 كما أنه وقع باعتباره شيخا للبلد على القوائم التي سلمت بموجبها الأطيان موضوع النزاع إلى المطعون عليها الثانية في حين أن الطاعن المذكور لم يوقع على هذه القوائم ولا سند في الأوراق لما قرره الحكم في هذا الخصوص كما أن هذا الطاعن لم يوقع على الإقرار المرفق بملحق تقرير الخبير وأن ما ورد في المذكرة المشار إليها لا يعدو قول هذا الطاعن وغيره من مقدمي المذكرة أنهم غير مالكين لشيء من الأطيان بل هي في وضع اليد بقية "المدعى عليهم" وغيرهم ولا يعتبر الإقرار الصادر على هذا النحو إقرارا بعدم منازعة المطعون عليه الأول في الملكية - أما بالنسبة إلى الطاعنين الثالث والرابع والخامس فقد استند الحكم إلى أقوال لأولهم في محضر جلسة 15 من يناير سنة 1946 وإلى أقوال للثاني والثالث في محضر أعمال الخبير لا تؤدي إلى القول بأنهم جميعا قد أقروا بعدم المنازعة كما صور ذلك الحكم المطعون فيه. رابعا: أن الحكم الابتدائي قد اعتبر المطعون عليها الثانية مالكة لأطيان طرح البحر المكلفة باسمها وأقرها على ذلك الحكم المطعون فيه مع أنه رفض بحث كشوف المكلفة المقدمة من الطاعنين بمقولة أنها لا تصلح للتطبيق وأن الطاعنين طعنوا على كشوف الأطيان المكلفة باسم المطعون عليها الثانية بأن هذه الكشوف لا تحدد لها ملكية في أرض النزاع وعلى ذلك يعتبر الحكم متناقضا إذا اعتبر الدليل الواحد منتجا بالنسبة للمطعون عليه الأول وغير منتج بالنسبة للطاعنين، خامسا - إن استناد الحكم إلى تقريري الخبير على ما بهما من عيوب فصلت في الوجه الثاني من السبب الأول من أسباب الطعن هو استدلال يعيب الحكم ويفسده، هذا فضلا عن أن الخبير المذكور عندما تعرض لبحث واقعة وضع اليد قال إنه ثبت له من بحث القضية أن الطاعن الأول هو وآخرين قد استأجروا الأطيان موضوع النزاع من .......... بصفته وكيلا عن المطعون عليها الثانية في سنة 1942 - 1943 الزراعية واعتمد الحكم ما قرره الخبير دون بحث أو تمحيص، مع أنه بالرجوع إلى محضر الأعمال الذي استخلص منه الخبير نتيجة بحثه في هذا الخصوص يبين أن الطاعن الأول عندما سئل عن واقعة استئجاره للأطيان قال إن ............. المذكور أوهم هو ومن وقعوا معه على عقد الإيجار بأن له أطيانا فلما حاولوا وضع يدهم لم يتمكنوا من ذلك فأنذروا هذا المؤجر رسميا ورفع هو عليهم دعوى بطلب قيمة الإيجار حكم برفضها، سادسا - أن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اعتبر إقرار وزير المالية بتوزيع أطيان البحر سندا بملكية المطعون عليها الثانية وخلع عليه الحكم الاستئنافي حجة أقوى فوصفه بأنه من أعمال السيادة وقال إنه لم يطعن على هذا القرار - بالخطأ في تطبيق القانون - مع أن الطاعنين كانوا قد فاضوا في بيان هذا الخطأ في مذكرتهم المقدمة إلى محكمة الاستئناف ويتحصل السبب الثالث من أسباب الطعن في النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأصيله من وجوه ثلاثة أولها تقريره أنه لا يجوز للطاعنين الجمع بين الطعن بالصورية والطعن بالتزوير بالنسبة لعقد 10 من أبريل سنة 1921. والثاني مخالفة قواعد الإثبات إذا اتخذت محكمة الموضوع من عدم ثبوت ملكية الطاعنين للأطيان موضوع النزاع دليلا على ثبوت ملكيتها للمطعون عليه الأول وإذا اعتبرت الإقرار الصادر من بعض الخصوم حجة على باقيهم وإذ تعرضت لبحث الشروط القانونية لقيام الحيازة المكسبة للملكية في غير موطن البحث ونعت على الطاعنين عجزهم عن إثبات توافر هذه الشروط في حيازتهم مع أنهم لم يستندوا إلى الحيازة كسبب منشئ للملكية وإنما استندوا إليهما كمظهر من مظاهر الملكية مترتب عليها. والوجه الثالث - إن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد خالفا القانون إذ قالا إن قرار وزير المالية بتوزيع أطيان طرح البحر يعتبر في حد ذاته سندا بالملكية لمن توزع عليهم أطيان طرح البحر التي تقرر توزيعها ويغني عن تقصي أصل ملكية من يتناولهم التوزيع لما أكله البحر من أطيانهم، وإذ قرر الحكم المطعون فيه أن عملية توزيع طرح البحر هي من أعمال السيادة التي يمتنع على المحاكم النظر فيها عملا بنص المادة 18 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 وأنه لم يطعن على قراري وزير المالية الصادرين بتوزيع الأطيان التي خصصت المطعون عليها بجزء منها لم يطعن على هذا القرار بأنه قد شابه سوء استعمال السلطة أو بالخطأ في تطبيق قانون طرح البحر رقم 48 سنة 1932 على وجهه الصحيح ووجه المخالفة في هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه أن قرار وزير المالية بتوزيع أطيان طرح البحر لا يعتبر من أعمال السيادة وإنما يعتبر أمرا إداريا ينبغي لاحترامه أن يكون قد صدر وفقا لأحكام القانون، وإن الطاعنين قد أوضحوا في مذكرتهم المقدمة من محكمة الاستئناف مطاعنهم على القرارين الصادرين بتوزيع الأطيان على المطعون عليها الثانية ومخالفتهما لأحكام القانون رقم 48 سنة 1932، أما وجه المخالفة لهذا القانون الأخير فمحصله أنه وإن كانت المادة الثانية منه قد نصت على أن طرح البحر يعد من أملاك الدولة ونصت المادة العاشرة منه على أن التوزيع يكون نهائيا لا تجوز المعارضة فيه ويكون سندا للملك إلا أن هذا الذي نصت عليه هاتان المادتان مقيد بما ورد في المادة الثانية ذاتها من أن طرح البحر يكون من أملاك الدولة طبقا للشروط المدونة في أحكام هذا القانون وبما ورد في المادة الخامسة من أن طرح البحر يوزع في زمام كل بلد أو مدينة على أصحاب أكل البحر في هذا الزمام بنسبة ما فقدوه وبما ورد في المادة التاسعة من أن طرح البحر الذي يظهر في موقع أرض سبق أن أكلها البحر يخصص لتعويض صاحب هذه الأرض بمقدار ما فقده وهذه النصوص الأخيرة يستفاد منها أن طرح البحر لا يجوز توزيعه إلا على من أكل من أطيانهم، فإذا أخطأ وزير المالية ووزع أطيان طرح البحر على من لم تكن له أطيان طغى عليها البحر فإن هذا القرار يعتبر غصبا لا يجيزه القانون ومخالفة لنص المادة التاسعة من الدستور التي قضت بأن لا ينزع من أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة وبشرط تعويضه عنه تعويضا عادلا. ومن حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي أنه أقام قضاءه بملكية المطعون عليه الأول للأطيان موضوع النزاع على ما يأتي: أولاً - أن المطعون عليه الأول قد اشترى هذه الأطيان من المطعون عليها الثانية بالعقد المؤرخ في 20 من مارس سنة 1944 والمسجل في 8 من يوليه سنة 1944: ثانيا - على أن المطعون عليها الثانية قد وزعت عليها الأطيان المذكورة بمقتضى قراري وزير المالية رقمي 39 لسنة 1936، 44 لسنة 1942 وتبين من كشوف المكلفة أن كان مكلفا باسمها أطيان أكل بحر بناحية جزيرة مطبرة مركز قوص ثم أضيفت الأطيان موضوع النزاع ضمن 16 فدانا و23 قيراطا و16 سهما من أطيان طرح البحر على مكلفتها بناء على القرارين المذكورين ثم استنزل تكليف الأطيان جميعها من تكليفها بناء على عقود البيع الصادرة منها إلى المطعون عليه الأول هو و......... و......... - وأما ما بيع منها إليهم لا يزيد على ما كان مكلفا باسمها: ثالثا - على ما ثبت من تقارير الخبراء في الدعاوى الثلاث التي أقامها المشترون من أن الحكومة سلمت السيدة .............. - المطعون عليها الثانية الأطيان موضوع النزاع وهي أطيان طرح بحر بمقتضى قرارين وزاريين وأنه بتطبيق المستندات المقدمة من المديرية وهي عبارة عن قوائم التسليم وخرط المساحة وتطبيق العقود المقدمة من المدعين ثبت أن أرض النزاع هي بذاتها التي سلمتها الحكومة إلى السيدة ............ وليست غيرها وأنها هي بذاتها التي باعتها السيدة ...... للمدعين - وأن السيد ............. بن السيدة ........... ووكيلها قد سبق له أن أجر هذه الأطيان للمدعى عليهما الأول والثالث. وهو الطاعن الأول وشخص آخر لزراعتها عن سنة 1942 الداخلة في سنة 1943 الزراعية. رابعا - على أن كل طرح بحر يكون من أملاك الدولة ويوزع بقرار من وزير المالية ويكون هذا التوزيع نهائيا لا معارضة فيه ويكون ذلك القرار سندا بالملك - المادتان 2 و10 من القانون رقم 48 سنة 1932 الخاص بطرح البحر وأكله. خامسا - على إقرار بعض الخصوم المبينة أسماؤهم في الحكم الابتدائي - بعدم المنازعة في الأطيان. سادسا: على أن "المدعى عليهم" ومنهم الطاعنون لم يقدموا ما يدل على أن الحكومة سلمتهم أرضا رغم تحدي "المدعين" لهم بذلك - كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه أخذ بهذه الأسباب جميعها وأضاف إليها أسبابا أخرى مستدلا بها على عدم جدية منازعة الطاعنين - منها أن الطاعنين تمسكوا في دفاعهم بأن كشوف المكلفة باسم البائعة إلى المطعون عليه الأول عن المدة من سنة 1927 إلى سنة 1939 لا تدل في ذاتها على ملكية البائعة المذكورة لشيء من الأطيان الواردة في هذه الكشوف واستدلوا في الوقت ذاته على ملكيتهم بكشوف المكلفة المقدمة منهم مع أنها لا تصلح للتطبيق ولا تؤدي إلى ثبوت ملكيتهم لشيء من أرض النزاع التي يعتد فيها باعتبارها أراضي طرح بحر بالتسليم بمقتضى قرار وزير المالية ومنها أن الطاعنين طعنوا على عقد 10 أبريل سنة 1921 تارة بالتزوير وتارة بالصورية وهما دفاعان متناقضان ومنها أنهم - أي الطاعنين - ادعوا وضع يدهم على الأطيان موضوع النزاع ابتداء من تاريخ تسليم الأطيان إليهم بناء على قرارين صادرين من وزير المالية ولم يقدموا هذين القرارين ولم يقدموا ما يدل على توافر وضع اليد المكسب للملكية بمضي المدة بل ولم يدعوا بذلك ولم يحددوا بدء مدة وضع يدهم وهذا تجهيل منهم يؤيد عدم جدية منازعتهم ومنها أن المستأنف الأول - الطاعن الأول - وهو من مشايخ البلدة قد وقع على القوائم التي سلمت بموجبها الأطيان موضوع النزاع من وزارة المالية إلى ................ - المطعون عليها الثانية - ولو كان مالكا لهذه الأطيان لامتنع عن التوقيع وبادر بالتظلم من التسليم ومنها إقرارات بعض الخصوم - ومنهم الطاعنون الأول والثالث والرابع والخامس - بعدم المنازعة في الأطيان - هذه الإقرارات الوارد بعضها في محاضر جلسات محكمة الدرجة الأولى وبعضها في المذكرات المقدمة إلى تلك المحكمة وباقيها في محاضر أعمال الخبير - ثم قال: الحكم المطعون فيه. "وحيث إنه بالرغم من عدم جدية نزاع المستأنفين لما تقدم فإنه فضلا عن ذلك بمقتضى المادة 18 من ق رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة ولا جدال بين الخصوم جميعا في أن الأراضي من طرح البحر وبذلك فهي مملوكة للحكومة طبقا للمادة 921 مدني والقانون رقم 48 لسنة 1932 والتنازل عن أملاك الدولة وتوزيعها هو من أعمال السيادة وقد تم في حدود السلطة التي يخولها القانون لوزير المالية وفي حدود اختصاصه ولم يطعن أحد على أنه أساء استعمال السلطة أو أنه لم يطبق القانون على وجهه الصحيح وبذلك يكون التسليم الحاصل لـ........... بمقتضى القرارين الوزاريين رقمي 39 سنة 1936 و44 سنة 1942 نهائيا لا معارضة فيه ويعتبر سندا لملكيتها وله قوة العقد الرسمي - مادة 10 من ق رقم 48 سنة 1932. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن القرارين الصادرين من وزير المالية بتسليم المطعون عليها الثانية بعض أطيان طرح البحر هما سندان بملكيتها للأطيان المسلمة إليها لكل منهما قوة العقد الرسمي - لم يخالف القانون - ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1932 الخاص بطرح البحر وأكله قد نصت على أن: "كل طرح بحر يكون من أملاك الدولة طبقا للشروط المبينة بأحكام هذا القانون" ونصت المادة الثالثة على وجوب حصر مقادير طرح البحر وأكله سنويا بعد عمل المساحة وعلى وجوب النشر في الجريدة الرسمية والإعلان في القرى بواسطة العمد قبل البدء في عملية المساحة بخمسة عشر يوما على الأقل - ونصت المادة الخامسة منه على القواعد التي يتعين مراعاتها عند توزيع طرح البحر غير المتصل بمراسي المعادي المقررة أو بمواقع الموارد - ونصت المادة العاشرة على أنه: "يوزع الطرح بقرار من وزير المالية ويكون ذلك التوزيع نهائيا لا معارضة فيه ... ويكون (القرار) سندا للملك وله قوة العقد الرسمي ويؤشر به في تكليف كل من أرباب الأملاك أصحاب الشأن". ومؤدى هذه النصوص أن أطيان طرح البحر تعتبر بمجرد ظهورها ملكا للدولة وأنه يتعين عليها أن تراعي أحكام القانون في توزيع ما يجوز توزيعه من هذه الأطيان فهي تملك أطيان الطرح ابتداء بمجرد ظهورها ثم تملك ما يجوز توزيعه منها على أرباب أكل البحر في حدود الأحكام المقررة بالقانون - وليس في عبارة "بالشروط المبينة بأحكام هذا القانون الواردة في المادة الثانية المشار إليها ما يفيد أن ملكية الدولة لأطيان طرح البحر معلقة على وجوب مراعاة ما نص عليه القانون رقم 48 سنة 1932 في خصوص قواعد التوزيع ويتضح المراد بهذه العبارة من مراجعة الأعمال التحضيرية لهذا القانون فقد كانت المادة الثانية من المشروع المقدم من الحكومة إلى البرلمان خالية من العبارة المشار إليها وقاصرة على تقرير أن "أن طرح البحر يعتبر ملكا للدولة" فلما نوقش هذا المشروع في لجنة الحقانية بمجلس الشيوخ عرض بعض أعضائها أن يزاد على النص الأصلي لمشروع المادة الثانية عبارة بمعنى العبارة المذكورة التي أضيفت ورأت أغلبية اللجنة أن التعديل المقترح هو من تحصيل الحاصل لأن القانون بين في المواد التالية - وهي الجزء الأساسي لهذا المشروع - طريقة التوزيع، ولكن اللجنة رأت بعد أن اتصلت باللجنة الاستشارية التشريعية أن من الأفضل للصياغة فقط - لا للزيادة أو النقص - أن تضاف إلى المادة الثانية عبارة "طبقا للشروط المبينة في أحكام هذا القانون" (مناقشات مجلس الشيوخ بجلسة 25 من مايو سنة 1932 عن مشروع القانون) - وإذن يتبين من نصوص القانون أن ملكية الدولة لطرح البحر هي ملكية محررة من أي شرط واقف أو فاسخ وإنما على الدولة أن تراعي في توزيعها الشروط المبينة في القانون - وقد يبدو غريبا أن ينص القانون في المادة العاشرة منه على أن يكون قرار وزير المالية بالتوزيع نهائيا لا معارضة فيه رغم خلو نصوص هذا القانون من تقرير حق أرباب أكل البحر في الاعتراض على الإجراءات التي تسبق صدور هذا القرار - ولكن الواقع أن القانون قد خولهم هذا الحق إذ نصت المادة الثالثة منه على وجوب النشر والإعلان عن عملية مساحة طرح البحر قبل البدء فيها بخمسة عشر يوما على الأقل - الأمر الذي قصد به ضمان علم أصحاب الشأن بهذه العملية لتقديم ما قد يبدو لهم من اعتراضات بشأنها وتحقيقا لهذا الغرض أصدر وزير المالية في 15 من نوفمبر سنة 1932 لائحة تنفيذية تقضي بأن تقوم كل مديرية بتخصيص أطيان طرح البحر على أرباب أكل البحر بنسبة المقيد لكل مالك بدفاترها وبأن تقوم بتوزيع أطيان الطرح لجنة مؤلفة من أحد معاوني الإدارة ومعه "ركاب المساحة" ومن العمدة وأثنين من مشايخ البلدة ومندوب المركز بمجلس المديرية وبحضور أصحاب الشأن بعد إعلانهم جميعا قبل البدء في العمل على أن يوقع هؤلاء الأخيرون على قوائم التوزيع حتى إذا كان لأحد منهم اعتراض على كيفية التوزيع قدم شكواه إلى المديرية وهي بعد تحقيقها ترفعه إلى وزارة المالية برأيها فيه لتعيد النظر في الشكوى ولتفصل فيها وبعد ذلك يصدر وزير المالية قراره النهائي - وعلى مقتضى ذلك يصير تسليم طرح البحر لأربابه كل بمقدار ما خصه في كشف التوزيع بقوائم يوقع عليها أرباب الشأن - وقد كان اشتراط صدور هذه اللائحة ملحوظا عند وضع مشروع القانون رقم 48 لسنة 1932 ولهذا خلت نصوصه من بيان الأحكام التي تضمنتها اللائحة (خطاب وزير المالية إلى رئيس اللجنة المالية بمجلس الشيوخ في 27 من يناير سنة 1932) - ويبين من هذا أن القانون قد وضع الضمانات الكافية لأرباب أكل البحر بعد ظهور الطرح والشروع في توزيعه - كما يبين منه أن وزير المالية لا يصدر قراره النهائي بالتسليم - وهو القرار المنصوص عليه في المادة العاشرة من القانون - إلا بعد إعلان أصحاب الشأن - وهم أرباب أكل البحر - وتخصيص كل منهم بنسبة ما فقده وتوزيع ما يخصص على مستحقيه وبعد تحقيق كافة الاعتراضات التي تقدم من أصحاب الشأن في هذا الخصوص - ويبين منه كذلك أنه لا صحة لما ورد في أسباب الطعن من أن وزير المالية يصدر قراره النهائي بتوزيع أطيان طرح البحر جملة دون تعيين أشخاص أرباب أكل البحر المقتضى توزيع الأطيان عليهم أو تحديد المقادير التي توزع على كل منهم وأن المديرية هي التي تقوم بهذه الإجراءات بعد صدور قرار وزير المالية. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان قد أخطأ إذ وصف قرار وزير المالية المشار إليه بأنه من أعمال السيادة - إلا أنه لم يخطئ في النتيجة التي انتهى إليها وهي أن المحاكم لا يجوز لها التعرض لهذا القرار بالإلغاء عملا بنص المادة 18 من القانون رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء - ذلك لأن القرار المشار إليه هو من القرارات الإدارية التي لا يجوز للمحاكم العادية إلغاؤها عملا بنص المادة المشار إليها وبنص المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الذي كان ساريا وقت صدور القرار - أما ما يقول به الطاعنون من أنه إذا صدر القرار من وزير المالية بالتوزيع مخالفا لنصوص القانون رقم 48 سنة 1932 وجب على المحاكم عدم الاعتداد به لمخالفته نص المادة التاسعة من الدستور التي تقضي بأن لا ينزع من أحد ملكه إلا للمنفعة العامة وبشرط تعويضه عنه تعويضا عادلا - هذا القول مردود بأن الأطيان التي يطغى عليها البحر تزول ملكيتها قانونا بمجرد أكل البحر وبأن أطيان طرح البحر لا تعتبر - كما سبق بيانه - مملوكة لمن أكل البحر من أطيانهم إلا بعد توزيعها عليهم من الدولة التي تعتبر قانونا مالكة لأطيان الطرح بمجرد ظهورها وعلى ذلك لا يكون قرار وزير المالية بالتوزيع متضمنا نزع ملكية أي شخص من ملكه. ومن حيث إن واقع الأمر فيما نعاه الطاعنون من تناقض الخبير إذ قال في تقريره الأول بعدم انطباق حدود قطعتين من الأطيان المبيعة من المطعون عليها الثانية إلى المطعون عليه الأول على طبيعة الأطيان موضوع النزاع ثم عاد في تقريره الثاني فقرر بانطباقها - واقع الأمر في ذلك على ما يستفاد من التقريرين المذكورين المقدمة صورتاهما بملف هذا الطعن هو أن الخبير كان قد أثبت في تقريره الأول أن الحدود الهندسية للمقدارين المذكورين تخالف ما جاء بعقد المطعون عليه الأول وبخرط المساحة وقوائم التسليم - فلما أعيدت إليه المأمورية قام بالمعاينة بحضور مهندس الجزائر وأرشده هذا إلى موقع "الثوابت" فتسنى للخبير بناء على هذا الإرشاد أن يحدد موقع هذين المقدارين بالضبط وانتهى إلى أن حدودهما في الطبيعة مطابقة لما ورد بعقد المطعون عليه الأول وبخرط المساحة وقوائم التسليم فإذا كانت محكمة الدرجة الأولى قد استندت في أسباب حكمها إلى أنه ثبت من تقارير الخبراء في الدعاوى الثلاث التي أقامها المشترون من المطعون عليها الثانية أن الأطيان موضوع النزاع هي بذاتها الأطيان التي سبق توزيعها وتسليمها إلى البائعة بناء على قراري وزير المالية وأنها هي بذاتها الأطيان المبيعة إلى هؤلاء المشترين وكانت محكمة الاستئناف قد أخذت بهذه الأسباب فإن مؤدى ذلك أن محكمة الموضوع قد أخذت في هذا الخصوص بنتيجة معاينة الخبير حسبما ورد في تقريره الثاني - وما قررته المحكمة في هذا الخصوص يحمل الرد الضمني على تعييب الطاعنين لأعمال الخبير وهو بعد تقرير موضوعي لا معقب فيه على محكمة الموضوع ولا تجوز إثارة الجدل فيه أمام هذه المحكمة. ومن حيث إنه يتضح مما سبق بيانه أن محكمة الموضوع لم تخالف القانون إذ قالت إن قراري وزير المالية بتوزيع الأطيان موضوع النزاع على المطعون عليها الثانية هما سندان بملكيتها لهذه الأطيان مما يمتنع معه البحث في أسباب ملكيتها التي استند إليها قرار وزير المالية، ولم تخالف الواقع إذ قررت أن الأطيان موضوع النزاع هي بذاتها الأطيان التي سلمت إلى المطعون عليها الثانية وأنها هي بذاتها الأطيان التي باعتها إلى المطعون عليه الأول - ولما كان هذا الذي قررته المحكمة كافيا لحمل قضائها فإنه لا تكون ثمت جدوى مما نعاه الطاعنون في باقي أسباب الطعن على ما استطرد إليه الحكم المطعون فيه تزيدا ولا يعيب الحكم ما يكون قد شابه في هذا الخصوص من قصور أو خطأ في الإسناد أو مخالفة للقانون. ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.